قال أبو السعود ومثله الآلوسي: يقال: مكنه فيه أي أثبته فيه، ومكن له فيه أي جعل له مكانا فيه. ولتقاربهما وتلازمهما يستعمل كل منهما في مقام الآخر. والمراد في المكان: المكانة والمنزلة.
وروى الجمل: مكن يتعدى بنفسه وباللام مكنه ومكن له.
أقول: لم يتعرض أحد من المفسرين للفرق بينهما إلا فيما أشار إليه أبو السعود ثم قال: ويستعمل كل منهما في مقام الآخر. كيف يكون مكنه بمعنى مكن له؟!
حين يتعدى الفعل بنفسه وبالحرف ... أجد نفسي دائم التنقير والبحث عن اختلاف المعنى بينهما.
فالمتأمل لحال هذه اللغة الشريفة يجد فيها من الحكمة والدقة مع التعدي بهذه الحروف ما يملك عليه فكره، ولعل الفرق؛ أن (مكنا له) تضمن معنى (مهدنا له أسباب التمكين) بتعطيف قلب عزيز مصر عليه (وهيأنا له سبله) في إنزاله في قصره، حين قال لامرأته:(أَكْرِمِي مَثْوَاهُ) والمثوى هو المبيت والمنزل.
وأما (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) فقد حصل لهم التمكين واستقرت لهم دعائمه. وفي الأنعام تعريض بنقص التمكين لكم عمن سبقكم (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ).