ومتى تُصبك خصاصةْ فارجُ الفتى ... وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب
وتقول: إليك الرغباء ومنك النعماء فكأنما تضمنت الرغبة هنا معنى التضرع والتوجه والانصراف.
نعم الرغبة في هذا السياق حين تعدت بـ (إلى) تضمنت معنى التفرغ من شواغل الأرض للتجرد إلى اللَّه وحده، والتطلع إلى مستودع الزاد فينهل، ومورد الأنس فيعبّ ما وسعه من نَهَلِ وعَبّ.
وفي تضرعه هذا بين يديه ونصَبه، يمسح كل عناء أصابه أو مشقة أثقلت كاهله، فيخف حِمله وُيرفع عنه إصْره، ويُسرَّى عنه، وينشرح صدره، ويطمئن قلبه.
والرغبة أخيرا معناها هنا التوجه والتطلع إلى منابع التيسير كلما تعسرت مسيرة دعوته، وكاده الماكرون للانحراف بمنهجه، أو عرقلة خطاه، أو .... أو ... أرأيت إلى هذه الحروف كم لها من أسرار خفية! لقد كانت (إلى) هذه صلة العسر باليسر، والمشقة بالراحة، والفناء بالبقاء، والعدم بالوجود. إنه التضمين وهذا من جنى ثمراته.
أما من جعل إلى بمعنى اللام أو الباء فليس بشيء ولا حظ له في إدراك المطلب وما أبعد الصواب عنه.