وقال أبو حيان:(له) معناه (لأجله) وكذا في (رضي له) أي (لأجله) ويكون (مَن) للمشفوع له، أو بدل من الشفاعة على حذف مضاف أي إلا شفاعة من أذن له. أو منصوب على الاستثناء على هذا التقدير أو استثناء منقطع فنصب على لغة الحجاز ورفع على لغة تميم.
وذهب الزمخشري، والبيضاوي، والجمل، والآلوسي: إلى أن أذن له ورضي له: أي لأجله.
أقول: والذي تطمئن إليه النفس هو أن (الرضا) تضمن معنى السمع ومعناه هنا القبول حين تعدى باللام. أما أن يكون الرضا لأجل قوله فما أراها منسجمة مع السياق. فاللَّه أذن له أن يشفع، ورضي له أن يقول، فالرضا حصل قبل أن يقول، وليس من أجل ما سوف يقول، فشفاعته هذه معلاة له، شاهدة بفضله، ورضوان اللَّه عنه، وقبوله شاهد على عُلو قدره في حضرة المليك حيث يغمر النفوسَ جلالُه، فتخشع له الأبصار، وتَعِقد الألسنةَ خشيتُه، ويُخيم الصمتُ الرهيب على الجميع، فالوجوه عانية، والألسنة تخافُتٌ والكلام بتحريك الشفاه همسٌ واستسرارٌ من هيبة الرحمن، فلا شفاعة إلا لمن أذن له الرحمن وقَبِلَ له أن يقول، وكتب له القبول.
فجمع التضمين المعنيين: الرضا وما فيه من العذوبة مصرحا به،