وقال الآلوسي: وعن متعلقة بالهداية باعتبار تضمنها معنى الصرف
وجوز أبو البقاء أن تُعلق بالعمى الصادر عن ضلالتهم وفيه بُعد، وإيراد الجملة الاسمية - أنت بهادي - للمبالغة في نفي الهداية.
وقال البروسوي: وعن متعلق بالهداية باعتبار تضمّنها معنى الصرف.
والعمي جمع أعمى وهو افتقاد البصر تشبيها بـ (مَن) افتقد البصيرة (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِدَ).
أقول: صورة حية لجمود القلب وبلادة الحس، تُصورهم بالموتى مرة، وفي هيئة الصم مرة، وفي هيئة العمي مرة أخرى، فهم لا يسمعون الهادي ولا يبصرونه، ماتت قلوبهم عميت أبصارهم فما للنذير فيهم حيلة ولا إلى قلوبهم سبيل، وإنَّمَا السبيل إلى القلوب القابلة للهدى والمستعدة للاستماع فإنها تؤمن وتستجيب. فتضمين (هادِ) معنى (رادٍّ) يستجيب له السياق ويستضيء به المعنى فما أنت بهادٍ وإنما أنت مُبلّغ، وما أنت برادِّ العمي عن ضلالتهم إلى فطرتهم وإنما أنت نذير، تُسمع من له قلب أو ألقى السمع.
والسؤال: لم اختار المولى هدى بدلا من رد؟ والجواب: إنما بعث ليكون رسولَ هدايةٍ، فجمع التضمين المعنيين: الرد عن الضلالة، والهداية إلى الفطرة، إلى الإسلام، إلى الحق ... وهذا هو الغرض الذي أريد من (عن) وجيء بها من أجله، والذي هو من طبيعة الصنعة في هذه اللغة الشريفة.
إنه التضمين وهذه ثمراته. ويبقى الرد أوضح في الاستدلال على المراد