وحكى الآلوسي: بسحر: أي في سحر ويجوز كون الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي ملتبسين.
أقول: من جعل الباء بمعنى (في) أو جعلها للملابسة أو علقها بحال محذوفة فقد ركب السهل وآثر الراحة.
ولعل تضمين (نجى) معنى (خلُص أو تدارك) والمتعدي بالباء نتشرت به إلى المراد بالإيماء والتانيس لنستخرج الخبيء من أغراضه، فاللَّه سبحانه أخلص نبيه لوطا وآله بخالصة النجاة من قومه، بحفظه، ولطفه، وإحسانه. وتداركه بعنايته وبرّه ورأفته في أشرف الأوقات وأطيب الساعات أخلصناهم بسحر.
والعلاقة بين المضمّن والمضمّن فيه واضحة كما أرشد إليها النظر، فالنجاة قد تكون من غير نشوب أذى، فأما هنا فكانت بعد تسورهم جدار بيته والدخول عليه، ولولا استئذان جبريل ربه فبسط جناحيه فطمس أعينهم لأصابه منهم ما أصابه، ولكن اللَّه أخلصه بخالصة ... وتداركه بألطاف ...
أرأيت إلى هذه الباء كيف منحت فعلها (خلُص) بصيرة تكشف الغامض وتُبصر الخفي مما نشِب به، ثم سلم منه؟!
وفيها من لطف المأخذ ما تعجب منه وتأنق له.
إنه التضمين يضُم عن النظم جناحاه ليكشفَ المستور، ويعرِّيَ الغامض، وينيرَ السبيل.