وذكر الآلوسي ومثله أبو السعود: يهدون الناس متلبسين بالحق، أو يهدونهم بكلمة الحق، وبالحق يحكمون في الحكومات.
أقول: يا سبحان اللَّه أتنزوي هذه الأمة عن العمل الإيجابي في حمل أعباء دعوة الحق ومشقات الطريق في تبليغه ودعوة الآخرين إليه، هكذا في سلبية عجيبة وصورة نظرية باردة يقولونه ويستقيمون عليه!
أما أن يكون الحق منهجا ينفذ في مناهج البشرية وتكون له القيادة والريادة. أما أن يصبح الإسلام ميزانا للحق تحتكم إليه الأمم وتنضبط به المناهج والتشريعات، وتوزن به التصرفات ... فهذا يحتاج إلى وقفة متانية عند الباء لمعرفة ما وراءها من أسرار إعجاز هذا الكتاب الكريم.
(فهدى) تضمّن معنى (بصَّر أو عرَّف أو أمر) وكلها متعدية بالباء.
والهداية والتبصير: المضمّن والمضمّن فيه يصدران من مشكاة واحدة ومن صفة هذه الأمة أن تبصِّر الأمم والشعوب بالحق وتعرفهم وتأمرهم باتباعه فهي إيجابية لا تقتصر على معرفة الحق بل تتجاوزه إلى الهداية به والدعوة إليه والأمر به قَالَ تَعَالَى: (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) والحق أعم من المعروف وأشمل.
وحسب المتعجلين في دراسة هذه الحروف أن يجعلوا من (يهدون): (يهتدون) من أجل تعدية الفعل بالباء، ولا عليهم بعد ذلك أن تضيع هذه الخصائص السنية، ومن أخص خصائصها الأمر ... والنهي.