وتعريضي لسخط اللَّه تعالى. وقد نقل الآلوسي عن ابن عطية قوله: المعنى فما تُعطونني فيما أقتضيه منكم من الإيمان غير تخسير لأنفسكم. وعن مجاهد ما تزدادون أنتم باحتجاجكم بعبادة آبائكم إلا خسارا. وأضاف الزيادة إلى نفسه لأنهم أعطوه ذلك وكان قد سألهم الإيمان. وقال الزمخشري: غير تخسير يعني: تخسرون أعمالي وتبطلونها أو غير أن أخسركم أي أنسبكم إلى الخسران.
أقول: أتدعونا أن نترك آلهة آبائنا إلى عبادة إله واحد؟ يا لخيبة الرجاء فيك يا صالح! ويجيبهم: ماذا يكون يا قوم إن قصرت في إبلاغكم دعوة ربي احتفاظا برجائكم فيَّ؟ إن مراعاته لرجائهم فيه، سيعطيه خسارة فوق خسارة، خسارة الوقوع في غضب اللَّه لتقصيره في تبليغهم دعوة ربه، وخسارة الحرمان من شرف الرسالة التي شرفه اللَّه بها. سيزيدونه إذاً خسارة الدنيا فوق خسارة الآخرة.
وإنما غالب أمرهم، ومجموع غرضهم أن يكص عن دعوته إلى التوحيد.
وعلى أسلوب من الملامحة لهذا الغرض جاء معنى الزيادة في خسارته، إذ ليس هو من الخسران في شيء حتى يزيدوه منه.
إن الداعية إلى اللَّه يستعلي بإيمانه أمام قوى الجاهلية، يقف من أنظمتها وأجهزتها موقف المفاصلة، فلا مهادنة ولا ملاينة، فالتضمين جعل الفعل (زاد) والمتعدي لمفعول واحد متعديا لمفعولين وهو موحٍ جدا في هذا السياق لأنهم سيخسرون خسارتين: خسارة الدنيا فوق خسارة الآخرة. فمن غفل عن تضمين زاد، فقد بخسه حقه، وأبطل مزيته، وضيَّع خالصه ولُبّه.