للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: شكرت زيدا فالفعل متعد لمفعول واحد، وإذا قلت شكرت لزيد صار بدخول اللام متعديا إلى مفعولين، لأن المعنى شكرت لزيد فعله، وإنما يُترك ذكر الفعل اختصارا، ويدلك على ذلك ظهور المفعول في قول الشاعر: شكرت لكم آلاءكم وبلاءكم وما ضاع معروف يكافئة شكر

ومن هذا النوع قولهم: كلت الطعام ووزنت الدراهم، فيعدونها إلى مفعول واحد ثم يدخلون اللام فيعدونهما إلى مفعولين، كلت الطعام لزيد ووزنت الدراهم لعمرو، وإذا قال: كلت لزيد ووزنت لعمرو فإنما يتركون ذكر المكيل والموزون اختصارا، وكذلك إذا قالوا: كلت زيدا ووزنت عمروا، حذفوا حرف الجر والمفعول الثاني اختصارا، وثقة بفهم السامع، وذكر ابن درستويه أن نصحت زيدا ونصحت لزيد من هذا الباب، وأن اللام إنما تدخله لتعديه إلى مفعول آخر، وأنهم إذا قالوا؛ نصحت زيدا فإنما يريدون نصحت لزيد رأيي أو مشورتي، فيترك ذكر المفعول اختصارا كما يتركون ذكره في قولهم: شكرت لزيد ومن هذا الباب قوله سبحانه (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ).

وقال معناه يخوفكم بأوليائه، يريد أنه مثل قولهم: خوفت زيدا الأمر وخوفته بالأمر فالمخوفون على ما قاله هم المؤمنون. والأولياء هم الكفار وهم المُخَوفُ منهم وقد يجوز أن يكون الأولياء هم المخوفين دون المؤمنين، ويكون المعنى إن الشيطان يخوف الكفار لأنهم يطيعونه، وأما المؤمنون فلا

سلطان له عليهم (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) فليس هذا تقدير حرف محذوف. ومنه (بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا) أي في معيشتها تضمن معنى ترفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>