للتخزين أو الضم للمباهاة، ولهذا لابد من تضمين الفعل ما يكشف عن الغرض للإبانة عن المطلوب.
المنهج الإسلامي يطهر المجتمع المسلم من رواسب الجاهلية المضيعة لحقوق الضعفاء فيكفل حق اليتيم عن طريق التحذير المخيف بلغة النهي مرة (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ) ومرة بإعلان النتيجة (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) فليس الإيمان مجرد مشاعر، ولكنه نظام منبثق عن منهج. فلا إيمان لمن لم يخضع لهذا النظام، ويتلقى من هذا المنهج. نعم لا تفلح إلا التقوى لأنها تتكفل الرقابة على الضمير فتجعل للتشريع قيمته، ولعل تضمين (أكل) معنى (أحال وصرف) يفي بهذه الحاجة ومعناه: لا تصرفوا ولا تحيلوا أموالهم إلى أموالكم فتجعلوها في موطن الريب والشبهة لعارض شرٍّ حملكم على سلبها (أكلها)، بل اصرفوها عنها لتتقوا الشبهات، ومن يتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، واستعمل لفظ الأكل لأن العرب تأنف من اللف فهي صورة منفرة تُسوِّئُ إلينا أن نأكل مما طالت إليه أيدينا من حلال وحرام، فصَرفُ مالِ اليتم إلى ماله سبيل لأكلها واستهلاكها، فهو في الأكل مدفوع بشهوة الطعام وهو في إحالتها وصرفها إلى ماله مدفوع بشهوة السلب والنهب، وكلا المعنيين في التضمين لأنسه بسفور مراده يبعث على استحضار الخاطر وإرهاف الفكر.