الإمساك وأمسك يتعدى بـ (عَنْ) كما في الحديث الشريف.
أقول: البخل يكون بالمال إذا منع العبد حق اللَّه فيه. وحين دُعي المسلمون للبذل في سبيل اللَّه ونصرة الدين وجهاد العدو، أمسك البعض عن البذل. فالآية ترسم صورة لواقع الجماعة المسلمة في البذل والشح. فالأشحاء يمسكون عن الإنفاق لنصرة الدين وحماية العرض والذود عن الذمار. إنهم يمسكون عن أنفسهم ويحرمونها بأيديهم فـ (عن) هنا أدت دورا في تصوير هذا المعنى ما كانت لتؤديه (على) لأن معنى الإمساك إنما أوحت به (عن) وشهدت بفضل سفور مراده الآية ترسم صورة لواقع الجماعة المسلمة مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فمنهم من يبخل وهذا يعني أن هناك من لا يبخل، وقد سجل القرآن خوارق في البذل حين جاد الصديق بكل ما يملك. وما يبذله المؤمن في نصرة دينه إنما هو رصيد له حين يُحشر الناس حفاة عراة ليس لهم إلا هذا الرصيد. وما ينفقه المؤمن إنما هو من مال اللَّه ومن فضله، واللَّه يسترد هبته إذا شاء، ويستبدل من شاء لهذا الفضل (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ). واللَّه قدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس لخطره فقال:(انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) أما (على) فقد جاءت في سياق الحرص على الزوجة (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ) لإفادة معنى عدم التخلي عنها، وفي إمساك المطر أي انقطاعه، والإمساك عن التلبية أي التوقف عنها، والإمساك عن الكلام أي