للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدير: أيام معيشتها كقولك: جئتك خفوقَ النجم على قول الزجاج، هذا ما يراه أبو حيان أما الزمخشري فقال: (معيشتها) إما بحذف الجار وإيصال الفعل كقوله سبحانه (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ) وإما عدى الظرف: زيد ظني مقيم؛ أو بتقدير حذف الزمان المضاف وأصله بطرت أيام معيشتها. وإما بتضمين بطرت معنى كفرت وغمطت. وقيل البطر: سوء احتمال الغنى وهو ألا يحفظ حق اللَّه فيه.

أقول: من النواميس التي لا تتخلف أن الترف مدعاة للفسق (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا). والتضمين أولى من إسقاط حرف الجر أو النصب على الظرفية أو حذف مضاف، لأنه أشيع وأسير لامتداد معناه في المضمن والمضمن فيه، وهو أحسن من معنى فذ.

وتضمين (بطرت) معنى (غوت وأترفت) وكلاهما متعدٍ أسفرُ لوجه المعنى من خسرت أو كفرت كما جاء في الكشاف فالغواية والترف هما ما يُظاهر السياق على تصويرهما في هذه الآية والآيات اللاحقة من أجل التوقّي من فواقرهما المُبيرة، ولسلامة المجتمع المسلم من شرّهما، فهما سبب هلاك القرى التي يرونها شاخصة تروي مصارع أهلها الداثرين، خاوية تحكي قصة البطرين المترفين، لم تُسكَن من بعدهم، فلْيحذر المسلمون من كفر النعم ونزول النقم. ولو سأل سائل: لم آثر التعبير القرآني الفعل اللازم على الفعل المتعدي؟ لقلت: لو جاء التعبير بالغواية لضاع علينا سببها، فقد يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>