ما الصلة بين الفعلين المضمن والمضمن فيه؟ أقول: صلة الوسيلة بالغاية، فكل جار وله في جريه وجهة فهو يطلبها، وكاية يبغي لها.
مع الاستعلاء المنظور (رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ). ومع الاستعلاء المطلق في الغيب (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) استواء يليق بجلاله سبحانه، يأتي التسخير (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ). ونرى معه الحكمة والتدبير (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ)، (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى). أي كل يتوجه في جريانه لغاية مسماة ويبغي لمبتغاه.
الأجرام الهائلة والأفلاك السابحة في الفضاء، كلٌ يتوجه لأَجَلِهِ الذي أُجِّل له، وأَمَده المُقدر له لا يتعداه قال ابن عباس: للشمس (مائة وثمانون) منزلا، كل يوم لها منزل ذلك في ستة أشهر، وللقمر (ثمانية وعشرون) منزلا في كل شهر، فالله قدر لكل كوكب سيرا خاصا ووجهة خاصة بمقدار خاص من السرعة والبطء فسبحانه وتعالى يدبر الأمر، يُفصل الآيات.
أما التعاور في الحروف فولِّ وجهك عنه لا شيء تحته ولا خير من ورائه فإن دعتك ثقتك بنفسك إلى الإصرار على إبدال حرف بحرف تنتحله وتدعيه فخذ في غير هذه الصناعة.
إنه التضمين في الفعل وإنه كثوب الحسناء على الحسناء لا يزيد مرتديه إلا أن ينطلق لسانه بجمال معانيه فلا يملك إلا أن ينتشيَ ويطرب.
يرِق نسيمه من كل وجه ... ويعبق بالأريج المِسك طيبا