فحذف المضاف ودلت اللام عليه. قال الفراء: اللام لفعل مضمر، إذا قلت: جمعتهم ليوم الخميس كان المعنى جمعتهم لفعل يوجد في يوم الخميس، وإذا قلت: جمعتهم في يوم الخميس لم تضمر فعلا، وجمعهم لا فائدة فيه إلا المجازاة وإظهار الفرق بين المثاب والمعاقب.
أقول: ولعل (جمع) هنا تضمن معنى (أحصى) والمتعدي باللام، أحصاهم ليوم الحساب، لجزاء يوم لا ريب في وقوعه، فلا يفلت منهم أحدا، سؤال يُلقى ويترك بلا جواب، كيف؟ تهديد رعيب للجميع وبدون استثناء، يشفق القلب أن يتعرض له، ويبقى للحرف دوره في إدراك المطلب والإبانة عن الغرض، وللسياق حكمه في توجيه المعنى والدلالة على القصد. أما في الحديث:" ما سمعت النبي جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك "، فالسياق هنا يتضمن معنى (قرن) وهكذا تتزاحم الأغراض على جهاته: من (أحصى) إلى (ضم) إلى (قرن) إلى (أنهى) إلى (تشدد) إلى (لبس) إلى (بنى) حسب انتظامه في شاقه وتسليكه في عبارته وتلوح دلالات الفعل من وراء التضمين كأنها نثرة من النجوم الزهر يأتلقن من الجمال، وهذا باب واسع يحتاج إلى فَضلِ تأمل فتأنس به ليكون تعريجنا عليه مَرقاة إلى تدبره، أما التناوب في الحروف: ليوم، أي في يوم، فيكفيه فقرأ ألا يلد معاني جديدة فوق معناه.