السلام احتاج إلى الغزو فجلس وأمر بإحضار الخيل وأمر بإجرائها وقال: إنني لا أحبها لأجل الدنيا ونصيب النفس، وإنما لأمر اللَّه وتقوية دينه، وهو المراد بقوله: عن ذكر ربي، ثم إنه أمر بإجرائها حتى توارت بالحجاب أي غابت عن بصره، ثم أمر بردها فلما عادت طفق يمسح سوقها وأعناقها والغرض: تشريفها لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو.
قال الطبري: أحببت حب الخير: أي أحببت حبا للخير ثم أضيف الحب إلى الخير، وعنى بالخير في هذا الموضع الخيل، والعرب تسمي الخيل: الخير، وتسمي المال: الخير، أحببت حب الخير حتى سهوت عن ذكر ربي وأداء فريضته، وقيل: إن ذلك كان صلاة العصر. حب الخير: مفعول به لأحببت المتضمن معنى (آثرت) قاله الفراء، وقيل: منصوب على المصدر التشبيهي أي أحببت الخيل كحب الخير أي حبا كحب الخير، وقيل: عدي بـ (عَنْ) لأنه تضمن معنى فعل يتعدى بـ (عَنْ) أي أنبت حب الخير، عن ذكر ربي أو جعلت حب الخير منيبا عن ذكر ربي. وذهب أبو الفتح الهمذاني إلى
أن (أحببت) بمعنى (لزمت). وقالت فرقة: أحببت: سقطت إلى الأرض، مأخوذة من أحب البعير: إذا عيي وسقط أي عييت عن ذكر ربي حكاه أبو حيان ووافقه العكبري والزمخشري والجمل، وكذلك حكاه الرماني عن أبي عبيدة، وأورد البيضاوي: أصل أحببت أن يعدى بـ (على) لأنه بمعنى آثرت، لكن لما أنيب مناب أنبت عدي تعديته، وقيل: هو بمعنى تقاعدت من قوله:
* مثل بعير السوء إذ أحبا *
أي برك. وحب الخير مفعول له، والخير المال الكثير والمراد به الخيل