وقال ابن قتيبة: فيه: أي في الزوج: أي في بطون الإناث، وفيه: أي في الرحم لأن الرحم مؤنثة ولم يتقدم لها ذكر، وذكر أبو السعود: فيه: أي فيما ذكر من التدبير: أي جعل الناس والأنعام أزواجاً يكون بينهم توالد كالمنبع للبث والتكثير.
أقول: إن الحرف (في) لا يتحمل التضمين لأن مفهومه غير مستقل بنفسه، وإنما جرى التضمين في الفعل ليبشّر بولادة معان أخر منها: البثّ، والخِصب (يبثكم ويُخصبكم). يوحي بهما ويحملان معناه فكان هذا الجعل والتدبير منه سبحانه سبباً من أسباب الخِصب والنماء والبث.
ولعل اختيار (الذرء) دون (البثّ والخِصب) لما فيه من معنى الخلق والنشأة والإيجاد وما وراءه من معان، والخِصب من نتائجه.
فنحن مع هذه الحروف نفتقر في تحصيل معانيها إلى الوقوف على أفعالها ومغازي تراكيبها مع التأمل والتدبر، لنفتح شيل التنقيب عن أوضاعها وأسرار معانيها من طريق تخفى ومسلك يدق.