المؤدي إلى الاعتبار نحو (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ). وقال الزجاج: ألم ينته علمك إلى خبر هؤلاء؟ وذكر الرضي: مضمن معنى الانتهاء.
وقال الآلوسي: الرؤية إما بمعنى الإبصار مجازاً عن النظر، لأن النظر دون الإدراك، وإما بمعنى الإدراك القلبي متضمنا معنى الوصول والانتهاء، ولهذا تعدت ب (إلى) وقد يتعدى اللفظ على هذا المعنى بنفسه وقل من نبَّه عليه قال امرؤ القيس:
ألم ترياني كلما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا ولم تتطيب
أقول: الرؤية هنا مجملة، والمراد منها التدبر والتفكر والاتعاظ، فسياق الآية لم يحدد شخصية هؤلاء الخارجين من يهود حذرا من الموت، لأن السياق سياق عبرة وعظة وتصحيح للتصور وبيان الحكمة الإلهية، فإن الحذر والفزع والخروج لن يرد عنهم قضاءً أو يحفظ حياة، فلو ثبتوا وصبروا لكان أولى بهم.
فالرؤية مضمنة معنى النظر، والمتعدي بـ (إلى) وهو لا يحتاج إلى مفعول ولا مفعولين: ألم تنظر يا محمد .. ألم تتنبه إلى مصارع هؤلاء؟ ليلفت نظر المؤمنين إلى نتائج الممتَحنين. فمن تأمل التضمين وقد جمع مع الرؤية النظر، والاعتبار والتأمل والتفكر فقد وفَى الصنعة حقها، ورَبَا بها أفرعَ مَشارفها، وعرف منه وبه عنايته في تبيين المعنى وتأليق صورته إلى الغاية التي لا مذهب بعدها، تجربة لا يذكر القرآن أصحابها ويعرضها في اختصار: خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فلم ينفعهم الخروج والفرار والحذر، وأدركهم