إلى اثنين أي نعطي من نشاء درجات، أما الصلة (على قومه) فعلقها الآلوسي بـ آتيناها لتضمنه معنى الغلبة.
أقول:(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) ألهمه اللَّه الحجة وأظهره على قومه، وبمقتضى حكمته منحه درجات عليَّة عَلَتْ بها حُجته وارتفع على قومه فكشف عن تفاهة تصورهم وزَيْف مُعتقدهم، وبمقتضى مشيئته خصَّه بهذه الدرجات من سائر خَلقه، إنه منطق المؤمن الواثق بربه، المدرك حقائق هذا الوجود، يجد اللَّه في نفسه وضميره، وخاطره، وفي الكون كله من حوله ... اللفظ يختلف معناه حسْب انتظامه في عبارته. أين معنى الرفع في قوله سبحانه:(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) من معناه في قوله: (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) و (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ).
جاء الرفع للدرجات حين تعدى لمفعول واحد فهو سبحانه يزيده منها ما يشاء أما في التعدية لمفعولين فقد جاء الرفع لإبراهيم لا للدرجات تأليقا لمكانته وظهورا على قومه، فهي جائزة سنيّة، ومنحة ربانية، لا تفتح الأعين من أحلامها بل تفتح الأرواح على أحلامها.
جاء الرفع إذاً متعديا لمفعولين في قراءة عاصم وحمزة والكسائي ليُهيئ لإبراهيم عليه السلام فرصة الظهور على قومه، وليخلع عليه مِنحة من فضل ربه، تظهر فيها مزيتة على قومه في الحجة التي ألهمه إياها فتعلو، ويدحض حجتهم فتهوي ويرتفع على قومه عقيدةً ومنزلة وحجة. فجمع التضمين المعنيين: المنحة والظهور ليكون أبلغ في إعجاز الآية الكريمة.
ولو سألت: لم جاء التعبير ترفع بدل تمنح؟ أقول: وهل كل منح