للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوهري في صحاحه: تقول العرب زوجته امرأة، وتزوجت امرأة وليس من كلام العرب تزوجت بامرأة. قال: وقول اللَّه تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) أي قرناهم بهن. وقال الفراء: تزوجت بامرأة لغة: في أزد شنوءة.

أقول: لعل تضمين زوج معنى (أكرم ومتع) والمتعدي بالباء، أحلى جنى وأعذب، لأنه كالرمز والإيماء على المرتقى السامي فيُطلب والعزيز الخبيء فيُستخرج فالزواج في الجنة إمتاع وليس للمُكرَم إلا أن يترقى في منازل الإكرام ويعلو في مراتب المتعة حتى ينتهي إلى حيث تنقطع الأطماع.

فإمتاعه بحوراء بل بحور لا حَصَر لهن، حلقة في سلسلة صور التكريم في المشهد البهيج من النعيم المقيم. أما صرف الزواج للقِران والقرينة (فعولة بمعنى مفعولة) فمستوحش في مسالك الاستعمال يُعر معناه كُدرة لفظة، قال تعالى: (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) وقال سبحانه: (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) وقال: (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا) وقال جل جلاله: (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) وقال: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ) وقال: (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ).

فهل نستسيغ ما قاله أكثر المفسرين من تضمين الزواج في الجنة معنى القِران! فالباء هذه صرفت معنى الزواج إذاً إلى الإمتاع، وهل كان الزواج في

<<  <  ج: ص:  >  >>