وعند الزمخشري: أنها للاختصاص، وتعقب بأنه مخالف لما في الآثار من تعدي ضرر الإساءة إلى غير المذنب. وقيل: للنفع كالأولى لكن على سبيل التهكم.
أقول: أحسن وأساء يتعديان بـ (إلى) فإن تعديا بغيرها يَحسُن حملهما على التضمين. قَالَ تَعَالَى:(وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ).
وفي الحديث:" يا ربِّ أُسيءَ إليَّ ". فإذا تعدى (أساء) باللام فقد تضمن معنى (جَرَم). فمن جرم فلنفسه من السيئات يرتد قَسْمه وجَرْمه وكَسْبه، ويُحمِّل نفسه ما لا تُطيق مما يُثقلها ويتدافع بها. وإذا تعدى أحسن باللام تضمن معنى (جاد) جدت له بالمال جوداً ورجل مجواد. وفي الحديث:
" تجودتها لك " أي تخيرت أجودها. وإذا تعدى أساء بـ (في) تضمن معنى (نكى). وفي الحديث:
" أعوذ باللَّه أن أسوءك في عائشة ". وإذا تعدى بالباء تضمن معنى (تأذى) ففي التنزيل: (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا). وهكذا يستضيء كل سياق بحرفه في استشفات معناه على طرف من المُلامحة، وتبقى الحال موكولة إلى ملاطفة التاؤل وسَعَة النظر. والانتفاع بها ليس إلى غاية، ولا وراءها من نهاية.
والعين تنطق والأفواه صامتة ... حتى ترى من سياق اللفظ تبيانا