النشأة الآخرة وترسو السفينة في مقرها الأخير. وتأتي الجملة المعترضة كما أشار الطبري - وما نحن بمسبوقين - فلا نسبق في أمر الإماتة (قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) وأمر التبديل (نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ) وأمر النشأة الآخرة (وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ) ولا يفلت من تقديرنا هذا أحد ولا يفوت تدبيرنا أحد.
أمر النشأة الأولى والخلق والموت مألوف (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ) إنها معجزة لا يدري البشر كنهها، فالخلية الأولى (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ) تصير خلقا لا يصدقها العقل لولا أنهم يشهدون وقوعها (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) هذه الخلية تنقسم إلى ملايين ... وكل مجموعة تُنشئ جانبا من المخلوق: العظام، العضلات، الأعصاب، الغدد ... وتتخصص كل طائفة منها بعمل لا تُخطئه ليكون الإنسان في أحسن تقويم تحت عين الخالق.
اللَّه قدّر الموت كما قدر الحياة فإذا انتهى الأجل المضروب لهذه الحياة الدنيا جاءت النشأة الأخرى والتي لا يدري البشر عن عالمها المجهول شيئا (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ).
نعم قدرنا الموت وما نحن بمسبوقين.
وحين علقنا الصلة (عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ) أي على تبديل أمثالكم بمسبوقين يكون توجيه المعنى بتضمين مسبوقين معنى (مُكدين) والمتعدي بـ (على) أي وما نحن بمُكدين على تبديل أمثالكم. نعم ... فما نحن بممتنع