أقول: صورة الزراية بهذا الفريق من الناس ذوي الهياكل الجميلة، والأشكال الوسيمة، والألسنة الزَرِبة، وخلابة المنطق، يستميلون سمعك فتنصت لقولهم. ولكن كل ذلك قشرة من التظاهر والمَلق والالتواء، تستر حقدهم الدفين وكفرهم الكنود، إنه النفاق وإنه الخوف من أن ينكشف ويفتضح.
تَسِمُهم الآية بالخواء والطمس والجبن والفزع والحقد ... يتوجسون من كل حركة، من كل صوت، من كل هاتف يحسبونه عرفهم ووقف على حقيقتهم - هم العدو فاحذرهم - يعيشون مع رسول اللَّه صلى عليه وسلم عشر سنوات لا يُعرّفه اللَّه على أسمائهم إلا قُبيل وفاته، وإن كان يعرفهم في لحن القول - المداورة والالتواء - وفي سيماهم - الانفعالات والانطباعات - فتضمين (سمع) معنى (أنصتُ واستجاب) والمتعدي باللام يحكي خَلابة ألسنتهم، يستميلون المستمع لما يرتضيه من فصاحتهم فينصت لهم ويستجيب لكنهم أخشاب شجر لا شجر، أجل لا حياة رلا ثمر، لا خير في وجوههم، ولا فضل في سجاياهم.
أرأيت إلى ما أفاض عليك التضمين من ماء بشاشته حين تعدى الفعل بغير حرفه وما استودعته هذه اللغة الشريفة من خصائص الإعجاز في الإيجاز .. !