الماء وإنزاله، وإخراج الثمرات به يحملنا على ترجيح التضمين لأن الفعل يتعدى بـ (إلى)(فسقناه إلى بلد ميت). والعلاقة بين المضمن والمضمن فيه لازمتة لأن من لوازم السَّوْق: التوجيه.
وبهذا تنتفي العفوية أو المصادفة في كل ما يجري في الكون كما يدعي الخرَّاصون وتنتفي الجبرية الآلية كما يزعم الماديون بأن الكون آلة عمياء، فالتضمين يدع قلوبنا يقظة، كل شيء يتحرك حسب المشيئة الإلهية فنرى يد اللَّه الفاعلة وفق نواميسه الحكيمة.
إذ ليس من خير يعمُّ الورى ... إلا يد الحكمة جلية فيه
فاللام على أصلها ليس لتعليل ولا تبليغ ولا بمعنى (إلى)، ولا بمعنى (في) وإلا لكان فيها إلباس واستثقال. فاحفظ نفسك من تضمين الحروف ولا تسترسل إليه.
فقلت تعاورا * واللَّهِ فُحْشا ... وتنكشف المزية للرشيد وإذا كان الفعل في سورة فاطر متعديا بـ (إلى) فلأن السياق مختلف.
وأما أنزل فالباء على أصلها ليست بمعنى (مِن) ولا بمعنى (في) لأن الفعل يتعدى بالباء قَالَ تَعَالَى: (يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ). وفي الحديث:
" أنزل بهم بلاء فلم يرفعه عنهم ". وهو بتخفيف الزاي وتشديدها قراءة سبعية، ونزول الماء بسبب السحب أمر بدهيٌّ. فجمع التضمين بهذه اللوم المعنيين.
فهذه الحروف مفاتح أفعال لا تُدافَع أبوابُها إلا بمقدار ما تُدفَع.