يثبته ولا يديمه بل يزيله ويمحقه، أو لا يقويه ولا يؤيده بل يظهر بطلانه.
وذكر الزمخشري: لا يصلح: أي لا يثبته ولا يديمه.
أقول: إن دوافع اللقاء في هذا المهرجان هي: إزالة خطر السحر عن معتقداتهم. أفصح عن هذا الدافع جواب موسى عليه السلام:(مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ)، لدرء التهمة الموجهة إليه. وهو الواثق بربه أن يحق الحق ويبطل الباطل حين قال:(إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ) ثم أكد هذا المعنى بقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ). وهل يتوسم فيها أثارة من صلاح، وهي ما هي من الزيف والتخييل والوهم؟!.
الفعل (يصلح) بصيغته في الماضي (أصلح) على وزن أفعل يفيد: مصادفة الشي على صفة من الصفات تقول: أحمدت سعيدا: صادفته محمودا وأكرمت عليا: وجدته كريما، وأبخلت زيدا: صادفته بخيلا. وعلى هذا فاللَّه لم يصادف صلاحا في عمل السحرة ولم يطالع فيها فلاحا ولم يلق فيها خيرا قط.
ومن معاني (أفعل): التسمية. فنقول: أخطيت سميرا: سميته مخطئا وأصلحت عملك: سميته صالحا، وعليه نقول:(لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ): أي لا يسميه ربنا صالحا. وما ذهب إليه الزمخشري من عدم إثبات العمل ودوامه يوقعنا في إلباس، أما قول العز أو الزركشي:(لا يصلح) مضمن معنى (لا يرضى) فاستثقال يتحاماه السياق ويستولي الجفاء على جُملته.
وأما قول الآلوسي:(لا يؤيد ولا يقوي) فرأي فطير ليس فيه استحكام علة.
نخلص من هذا العزوف عن التضمين نأياً عن تجشم الكلفة فلا ذِكْرَ له،