أقول: إن عملية الاصطفاء فيها اختيار أفضل الموجود فاصطفاء هؤلاء الأنبياء معناه اختيارهم على سواهم نتيجة الاصطفاء فلا مَنقبة ولا مَحمدة إلا وهم زيت مصباحها، ولا حسنة إلا وهم مفتاحها. فتضمين (اصطفى) معنى (اختار) والمتعدي بـ (على) أحرى بالقبول لموقعه من الفصاحة، ومراعاة للسياق.
والصفوة هم الخِيَرة: قَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ). وفي صيغة الافتعال ما ليس في التفعيل من الظلال ويبقى لى (على) هذه في علو قدر الرسل على سائر الخلق مزية الكشف عن التضمين الذي يُفزَع إليه ويُقتاس به كلما أوعرت بنا المسالك في الاهتداء إلى موطن الأسرار، فتدثَّر بمعانٍ بهيجة من الاختيار والاصطفاء والتفضيل من وراء التضمين ... وقد جُمعَ تحت دثاره كل معنى شريف يعطر بشَرَه، ولا يعُرُّ جوهره.
كم فيهم من حاتم في الندى ... قد فاق في الفضل على حاتم