وكذلك قال الزمخشري، أو أريد به التمييز في الخارج ويؤيده تعديه بمن كالتمييز، وبه فسر ابن عباس رضي اللَّه عنهما وتشهد له قراءة اليُعلم) على البناء للمفعول.
أقول: مرة أخرى يعود المفسرون ابن عباس والزمخشري وغيرهما إلى
تضمين (علم) معنى (ماز) كما مر في سورة البقرة: (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢).
وتضمين (علم) معنى (فرز وكشف) والمتعدي بـ (مِن) يزيد الموقف وضوحا. فمعرفة السفهاء (يهود لعنهم الله) الذين أثاروا الفتنة في تحول القبلة، تحتاج إلى دخول اختبار. هذا الاختبار كان في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت العتيق، ليكون التلقي في حس - العصبة المؤمنة، من مصدر وحيد وفريد، مع الطاعة والتسليم دون نقاش. (لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) اللَّه يعلم ما يكون قبل أن يكون، ولكنه سبحانه، يريد أن يكشف المكنون فيما سيكون.
يريد أن يفرز يهود والمنافقين ممن أطاعه واتبع رضوانه، فيأخذ كلا بما يستحق، ولكن ... بعد امتحان. (وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ).
أجل فتنة كبيرة ... فإذا كان الهدى فلا كبيرة، إنما هو السمع والطاعة، وإنما هو الاطمئنان والراحة مع الرضى وبرد اليقين، أما عن علاقة العلم بالفرز فأقول: العلم وسيلة من وسائله، وهكذا تنجلي في التضمين معانٍ خفية