(رفَّ) والمتعدي بالباء أولى من تعاور الحروف. إنهم أيقاظ في جنح الليل متهجدون بالأسحار متوجهون إلى ربهم بالاستغفار والاسترحام لا يهجعون تخف بهم مكابدة السهر نشِطوا للقيام .... فهم يجأرون بأصفى الأوقات وأقربها إلى المولى عز وجل يطلبون قضاء الحاجات من محو الذنوب وستر العيوب وشفاء القلوب. فالأسحار حصون التائبين والمتهجدين، وملاذ المستغفرين وملجأ المنيبن، يلحون بالدعاء، فإن اللَّه ينزل عند السحر إلى السماء الدنيا يقول: هل من مستغفر فأغفر له. ويبقى الحرف في وحي التضمين كالسراج المنير، من أبطله بحجة التناوب والتعاور فقد أطفأ نوره وطمس بيانه، ومن محاسنه أنه جمع بوحي هذه الباء إلى الاستغفار التهجد للضراعة والاستغاثة. فإن أنت تأملته أعطاك مقادته وجلى عليك محاسنه، وإن تناكرته سدَدْت عليك باب الحُظْوة به، أما العلاقة بين الجؤار والاستغفار فجدّ وثيقة .. الاستغفار رجوع إلى السلامة، لدى محو السيئات، وعلاج الآفات، وزوال الكربات وفي هذا الرجوع أية فرحة ... إنها رفيف المني .. والغيث المغيث .. فيها ذلة وضراعة وابتهال ...