ومع التعدية بـ (إلى). ولسان الحال يقول: اللهم ما أنهيت إليَّ وسقت من زينة الحياة أنا في حاجة له.
ولعل اختيار لفظ (فقير) بدل (حائج أو محتاج) كان تحقيقا لمعنى الذل والافتقار إلى اللَّه والعبودية بين يديه نسمع معه همس المناجاة وعمق الاتصال برب المستضعفين مع مراعاة لإيقاع الفاصلة القرآنية وموسيقاها الرخية في امتداد صوته الخافت في شكوى حال الخائف الشريد الغريب العَزَب يلتمس الرحمة منه ثم يصمت ... وينصت إلى حديث تخفق له جوانحه وتشرق له نفسه، إنه ترجمة الدعاء، وإنه تفسير الرجاء وإنه لمنحة السماء (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) وجاءت دعوة أبيها علاجا: لأوضاعه الحياتية فتعتدل: (أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ).
ثم تتنزل عليه الرسالة ذات التكليف الضخم والمحتاج إلى زاد ضخم فتستفرغ همه لينطلق في خدمة دعوته ويبني أمة على أساس مكين (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ).
إنه التضمين في سعة أفقه، ولُطف مُتسرَّبه ... بحر لا يُفْثج ولا يُغرَّض.