للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: لم جاء (يقبل التوبة) بدلا من (يتوب) وقد عطف عليه (ويعفو)؟ وما غرض (عن) والسياق يناسبه (مِن) (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا)؟ لو جاء الفعل يتوب بدلا من يقبل التوبة لعدَّاه بـ (على) كما في الآية (فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ). إذاً ماذا يبقى لو قَبِل توبة التابئين، وعفا عن السيئات؟ وما معنى (عن)؟ الذي يتشوف إليه التائب هو الحصول على الرضا من التواب الرحيم.

وتأتي (عن) لتُشارف الفعل (قَبِل) وتصانعه ليتخذها قرينة مُخَصصة له، وليتلوح من ورائه تضمن (القبول) معنى: (الرضى) وبتصاقب الفعلين وتداني حاليهما يستبشر الذين ينتظرون عطاءه غير المحدود من فَيْضه المذخور لعباده التائبين: إنه قبل توبة التائبين مع الرضا عنهم ... ثم عفا عن السيئات ... وهل يكون الرضى إلا بعد القبول؟ هكذا جمع التضمين بين الرضا والقبول بهذه العصا السحرية (عن).

مراتب ثلاث كل واحدة تُنزل الغيث على القلوب القانطة، وتنشر

الرحمة على الأفئدة اليابسة، لتُنبت الأمل وتُحيي الأنفس وتفتح أبواب

السماء: لقد قَبِل توبة التائبين العائدين بعد ضلال أو ضياع أو شرود ... ثم ماذا؟ ثم رضيَ عنهم ... وهذا الرضا أندى من كل ما سواه.

ثم عفا عن سيئاتهم وصفح ... ومحا ما سلف ... وهو العليم بما يفعلون.

<<  <  ج: ص:  >  >>