وقال الجمل: والظاهر أن قطعناهم متعد لواحد لأنه لم يضمن معنى ما يعدى لاثنين، فعلى هذا يكون اثنتي عشرة حالا من مفعول قطَّعناهم أي فرقناهم معدودين، وجوز أبو البقاء أن يكون قطَّعناهم متضمن معنى صيّرناهم، وأن اثنتي عشرة مفعول ثانٍ وجزم الحوفي بذلك.
وذكر الآلوسي: قطع يقرأ مشدداً ومخففا، والأول هو المتواتر، ويتعدى لواحد، وقد يضمن معنى صيَّر فيتعدى لاثنين، فقوله:(اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) حال أو مفعول ثانٍ أي فرقناهم معدودين بهذا العدد أو صيرناهم.
إنها الرعاية الربانية تشمل موسى عليه السلام كما شملت قومه بعد أن عبدوا العجل، ثم كفروا عن خطيئتهم فتاب اللَّه عليهم فطلبوا رؤية اللَّه جهرة فأخذتهم الرجفة ثم أحياهم بدعاء موسى لهم، تتجلى هذه الرعاية في ردهم حسب فروعهم اثنتي عشرة أمة. ترجع كل أمة منها إلى حفيد من أحفاد جدهم يعقوب وقد كانوا محتفظين بأنسابهم على الطريقة القبلية، وجعل اللَّه لكل منهم عينا فلا يعتدي بعضهم على بعض حين ضرب موسى بعصاه الحجر، وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى من أفخر الطعام.
ولكن الجبلة اليهودية ملتوية عن الاستقامة عصية عن الهدى، يأتيها الابتلاء فلا تصبر، لأن الصبر يحتاج إلى طبيعة ترتفع عن الأهواء والأطماع.
فتضمين التقطيع معنى (الرد) والمتعدي لمفعولين يستنيم إليه السياق لأنه عودة بهم إلى أصولهم الاثنتي عشرة أمة ترجع كل واحدة إلى حفيد. أما تقدير حال محذوفة فمستثقل، وأما التصيير فغير وارد. فكم كانوا حتى أصارهم إلى هذا العدد؟!.