للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الشوكاني: أقعدن لهم: لأجهدن في إغوائهم حتى يفسدوا.

وحكى أبو السعود: لأقعدن لآدم وذريته ترصدا لهم كما يقعد القطَّاع للقطع على السابلة.

أقول: إخذ إبليس العهد على نفسه بأن يغوي ذرية من كان سببا في مأساته ولعنه وطرده من الجنة فقال: لأقعدن ... وصراط اللَّه المستقيم ليس حِسًّا بل معناه الإيمان والطاعة الموصلة إلى رضا الله، بل معناه الإسلام.

والقعود ليس حِسًّا كذلك بل هو مشهد شاخص مُحَس مُبصَر يتضمن (الرصد والإلثاث والتنكير والتشويه) يأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم. تنوعت الأساليب واختلفت الصور ليأخذ أبناء آدم حذرهم من عدوهم.

وحين أجيب إبليس إلى طلبه من الإنظار، وأخذ على نفسه العهد بإغواء من كان السبب في طرده، اقتضت مشيئة اللَّه أن يدع الكائن البشري للابتلاء، فيشق طريقه بنفسه بما رُكب في فطرته من استعداد للخير والشر يصطرعان ... وبما أمده من كتب على أيدي الرسل. نعم ترك لإبليس فرصة الإغواء كما ترك لأبناء آدم فرصة الاختيار. فتضمين (قعد) معنى (رصد) لأرصدن لهم صراطك - كما ذكر أبو السعود - مستوحى من قوله تعالى: (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ).

ولعل تنكيره أو تشويهه، لأنكرن وأشوهن، فلا يهتدي إليه أحد، نكون

<<  <  ج: ص:  >  >>