وقال الجمل: الباء يجوز أن تكون على حالها من الإلصاق أو المصاحبة أو تكون بمعنى (في).
وحكى الآلوسي: أنهم كانوا يقعدون على الطريق ويخوفون الناس أن يأتوا شعيبا.
أقول: ليس المراد القعود المؤقت، وإنما المراد اللبث والثَّواء وطول المُقام. فالفعل قعد متضمن (تربَّص أو ثوى أو تأرَّض) وهذه جميعا تتعدى بالباء فشعيب يتوجه بدعواه إلى أهل مدين: يا قوم اعبدوا اللَّه ما لكم من إله غيره. ثم ينهاهم عن ... وعن ... والتربص بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل اللَّه من آمن به. فالسياق يشير إلى تربصهم بكل صراط وقطعهم لكل طريق على المؤمنين، ويتوعدونهم فيصدونهم عن السبيل. نعم سبيل الحق واحدة ولكن المناهج المتشعبة عنها كثيرة فأهل مدين يُلثون بكل صراط، ويتربصون بكل طريق، بكل شعبة من شعابها، يتوعدون المؤمنين ويصدونهم عن صراط اللَّه القويم ويريدونها عوجاء. دعاهم إلى التريث والتعايش بغير أذى حتى يحكم الله، ولكن الطواغيت لا يرضيهم أن يكون للإيمان ممثل في جماعة مستقلة، لا تدين له بل تعلن الخروج عن سلطانه، ولذلك يفرض المعركة على سواه فرضا. فالباء على أصلها والتضمين أصاب من الدواة مدادها: القعود مع التأرُّض والإلثاث وطول المقام أما ما