به، فإذا سأل سائل: ما معنى أن يجيء التعبير بالكتب ولم يَرِد بالفرض؟
أقول: لأن أحكام اللَّه أنزلها في كتابه وكتبها على عباده، فالكتابة تثبيت لأحكامه المفروضة على العباد والفرض قديم والكتابة محدثة ويأتي التعقيب بالتقوى بعد هذه الفروض الثلاث لماذا؟ لأن العمل بها موكول بالتقوى وشاهد عليها. وفي الحديث قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " قيدوا العلم بالكتاب ".
وهكذا يكشف اللفظ في التضمين عن أبعاد مدلوله، حسب وضعه في سياقه مما استودعته فيه هذه اللغة الشريفة.
إنَّ الصوم استعلاء على ضرورات الجسد وإيثار للآجلة على العاجلة.
والقصاص استعلاء على العواطف وحظوظ النفس في القتل أو عند قبول الدية على حد سواء.
والجهاد استعلاء بالبشرية كلها أن ترتفع على ذاتها، وتتمرس على طاعة ربها.
وما جاءت (على) في الفروض الثلاثة إلا لتظهر فيها مزية من الجهة التي هي أصح لتأديتها، وأخص بها، وأكشف عنها، وأبهر في صناعها.