في شؤون الدنيا والآخرة ... وعادٌ كفرت ربها حين جحدت هذه الدينونة.
والدينونة لله وحده بلا شريك، ونبذُها لأحد من خلقه يفاصل المؤمنون بها المشركين، وهذه المفاصلة يجب أن تتم منذ اللحظة الأولى، ولقد يبطئ الفصل وتكثر التضحيات، ولكن وعد اللَّه لا شك آتٍ، وعلى العصبة المسلمة أن تمضي في طريقها، مستيقنة أن سنة اللَّه جارية وأن العاقبة للتقوى.
القرآن يتنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومعه القلة المؤمنة، يريهم معالمه في مراحله جميعا، ويأخذ بأيديهم، وينقل خطاهم بموكب الدعوة على مدار التاريخ، وبات مأنوساً مألوفاً، لا موحشاً ولا مَخُوفاً، إنهم زمرة في موكب موصول، وليسوا مجموعة شاردة في تِيهٍ مقطوع، يمضون من نقطة البدء إلى الختام وفق سنة جارية.
هذا القرآن لا يفتح أسراره إلا للعصبة المسلمة التي تتحرك به لتحقيق مدلوله في عالم الواقع، لا لمن يقرؤه للتبرك أو للدراسة والاستمتاع.
إنه يتنزل ليكون مادة حركة وتوجيه، الذين يواجهون الجاهلية ويجاهدون البشرية الضالة ويكافحون الطاغوت هم وحدهم يفقهون هذا القرآن، ويتذوقون ما تعنيه نصوصه لأنهم يجدونها ممثلة في أحداث ووقائع، فالبشرية اليوم لا تصلح ولا ترتفع إلا بهذا التوحيد.