يكيدوا باللام، فإن قلت: هلا قيل: فيكيدوك كما قيل: فكيدوني؟ قلت: ضمن معنى فعل يتعدى باللام، ليفيد معنى فعل الكيد مع إفادة معنى الفعل المضمّن، فيكون آكد وأبلغ في التخويف وذلك نحو: فيحتالوا لك. وقال أبو حيان: عُدِّي يكيد باللام وفي (فكيدوني) بنفسه فاحتمل أن يكون من باب شكر وشكر له. واحتمل أن يكون من باب التضمين، ضمن فيكيدوا معنى ما يتعدى باللام، كأنه قيل: فيحتالوا لك بالكيد. والتضمين أبلغ لدلالته على معنى الفعلين. وذكر الآلوسي: فيحتالوا لإهلاكك حيلة عظيمة لا تتصدى لمدافعتها. وقال القرطبي: أي يحتالوا في هلاكك، واللام في (لك) تأكيد.
وروى أبو السعود: قيل: إنما جيء باللام لتضمنه معنى الاحتيال المتعدي باللام ليفيد معنى المضمن والمضمن فيه للتأكيد، فيحتالوا لك ولإهلاكك حيلة وكيدا.
أقول: إخوة يوسف عليه السلام جمعوا إلى الكيد - وهو الاحتيال في خفاء -: (الإساءة). ولعلم يعقوب بما تكنه صدور أولاده لأخيهم يوسف وما تُخفي قصدوهم قال له:(لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا) ليكون آكد في التخويف من إساءتهم له وأبلغ. فتضمين (كاد) معنى (أساء) يجمع إلى الكيد وهو إرادة السوء إيقاع الإساءة، فهم يحتالون في توجيه الأذى إليه، وإيقاعه في شَرَكِه مما زينه الشيطان لهم. أما الذين ضمَّنوا الكيد معنى الاحتيال فما أضافوا جديدا لأن الكيد معناه الاحتيال في خفاء كما جاء في لسان العرب، ولا يتعدى باللام. فزَمَّ التضمين شوارد خفيات النفوس فأوعى.