للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر السيوطي: (إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ) أي من الناس. وكذلك الموزعي.

أقول: لا تضمين في الحروف وإنَّمَا التضمين في الفعل: جرى في الاكتيال حين اكتسى بثوب التسلط، أو الاستيلاء، كما ذكر أبو السعود في تفسيره، فلتسلطه على الناس، يستوفي حقه إذا اشترى، فلا خسران لحقه، ويبخس الناس حقهم إذا باع، فلا يقوى أحد على استيفاء حقه منه.

فاللَّه يعلن الحرب على المطففين من كبار التجار، وذوي النفوذ في مكة، حين دعا عليهم: ويل للمطففين .... والدعاء من اللَّه قرار. والمطفف يستوفي حقه إذا اشترى ويطفف في الكيل وينقص الميزان إذا باع. يكتالون على الناس لا من الناس ... فكان لهم سلطاناً على الناس يستخدمون نفوذهم في التسلط: لا لاستيفاء حقهم بل لقسرِ الآخرين على قبول الجَور منهم.

وإطلاق هذه الصرخة المدوية على الغبن والبخس والتطفيف بالحرب في البيئة المكية وهم سادتها وأصحاب السلطان فيها، والإسلام ما زال محاصرا ... لتدل عل أن هذا المنهج لا يقبل المساومة أو أنصاف الحلول.

ولذلك قال العباس بن عبادة الأنصاري: يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون؟ قالوا: نعم. قال: إنكم تبايعون على حرب الأحمر والأسود من الناس ... قالوا فما لنا يا رسول اللَّه قال: الجنة. قالوا: ابسط يدك فبسط يده فبايعوه. الحديث.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>