حَرْفٍ) نعم على حرف ... غير متمكن من عقيدته ولا متثبت في عبادته، قابلا للسقوط في كل لحظة عند مس الفتنة، يدعو ... حزبا ... عشيرة ... سلطة ... (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) ويجسِّم هذه الحالة النفسية من الضيق حين ينزل بها الضر وهي على غير صلة بالله، فقدت كل رجاء بالفرج، كل نسمة رخية، كل نافذة مضيئة، وقد استبد بها الضيق، وثقل على صدرها الكرب، نعم يجسم هذه الحالة (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ).
لعل (مد) تضمن معنى (توجه) والمتعدي بالباء وإلى، فجمع التضمين المد إلى التوجيه. وفعل مد في حركته القلقة والزعزعة النفسية المصاحبة للغيظ والضيق والقنوط حين ينزل الضر بالنفس، وهي على غير اتصال باللَّه عز وجل يرسم هذا الفعل مشهد امتداد حبل معلق في سقف بيته تعلق به، فليقطعه فيسقط أو يقطع نَفَسَهُ فيختنق. وحين تعدى الفعل بالباء تحول هذا المد إلى توجه بعصبة كافرة أو هيئة فاجرة أو حزب أو عشيرة. وكلها أسباب أرضية لا تملك نفعا ولا ضرا، ثم يكف - يقطع - عن هذا التوجه، فماذا تكون النتيجة؟ هل ينقذه تدبيره هذا مما يغيظه؟ لا سبيل إلى احتمال البلاء إلا بالرجاء، ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضراء إلا في حمى العقيدة. وبهذا الحرف - الباء - ينقلب المنظور من واقع مادي ضيق مشهود، سقف وحبل إلى معنى أوسع، إلى هيئة أو عشيرة وهي الحماية الأرضية لأصحاب المبادئ المادية، لكنه لا يرتفع عن تراب الأرض