إذا خاطبنا إنسانا بـ (هل) فهو يفهم أنها موضوعة للاستفهام وكذا باقي الحروف، فإذاً عرفْنا أن له معنى في نفسه، رغم الشهرة التي عمَّت جمهور النحويين أن الحرف يدل على معنى في غيره، يقف الشيخ بهاء الدين ابن النحاس في التعليقة هذا الموقف، ويوافقه عليه شيخ نحاة الأندلس في التسهيل أ. هـ.
وأسال: أين معنى الاستعلاء في قول القائل: عليَّ بفلان، (ايتوني به)؟ ولعَمري ماذا نفهم من الباء منفردة على سَمْتِ ما حَده النحاة ومنهاجِ ما مثلوه.
ولعل الرضي الاستراباذي في شرحه على الكافية كان أدق منهم لمعنى الحرف قال: فالحرف موجد لمعناه في لفظ غيره، فهو كلمة فارغة من المضمون ثم قال: فالحرف وحده لا معنى له أصلاً إذ هو كالعلم المنصوب بجنب شيء ليدل على أن في ذلك الشيء فائدة، فإذا أُفرد عن ذلك الشيء بقي غير دالٍّ على معنى.
فظهر بهذا أن المعنى الإفرادي للاسم والفعل هو في أنفسهما، والمعنى للحرف هو في غيره. فالباء مثلاً لا تدل على معنى الإلصاق أو الاستعانة أو التعليل أو المصاحبة أو البدل أو السبب أو الاستعلاء أو ... أو ... كما ذكر السيوطي حتى تضاف إلى الاسم الذي بعدها لا أنه يُتحَصل منها منفردةَ، وكذلك اللام لا تحمل معنى الملك أو الاختصاص أو ... حتى تكون في جملة مفيدة، ومثلها (إلى) في انتهاء الغاية أو المعية أو التبيين حتى تأخذ مكانها في مَأَمٍّ تتورده. و (على) لا تفيد معنى الشرط إلا حين يكون ما بعدها شرطاً لما قبلها (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) (إِنِّي