بيوتا بالنحت أو تصيرونها بيوتا بالنحت. ويجوز أن تكون جبالا هو المفعول به وبيوتا حال مقدرة كقولك: خيط هذا الثوب جبة. (وبيوتا) وإن لم يكن مشتقا فإنه في معنى المشتق أي مسكونة.
وذكر أبو السعود: وقيل انتصاب الجبال على إسقاط الجار أي من الجبال وانتصاب بيوتا على المفعولية.
وذكر الآلوسي: انتصاب الجبال بنزع الخافض أي من الجبال ونصب بيوتا على المفعولية وجوز أن يضمن النحت معنى الاتخاذ فانتصابهما على المفعولية.
أقول: من زعم أن البيوت منصوب على الحال نقول له: الحال فضلة يستغنى عنه وعندها لا يتم معنى الآية، ومن ضمن تنحتون معنى تتخذون نقول له: لا داعي للتكرار ويغني عنه العطف بالواو، تتخذون من سهولها قصورا والجبال بيوتا. ولهذا تراني أفزع إلى التضمين لأستضيء وبه وأستعين، لِتعجبَ من أغراضٍ عدل إليها ومن أجلها.
لقد تضمن (النحت) معنى (الكسوة) والمتعدي لمفعولين. وليست البيوت المنحوتة في الصخور على سفوح الجبال إلا كسوة للجبال تجملها، وليس نحت الجبال إلا إلباسا لها بزينةِ البيوت والانتفاع منها.
أفرأيت كيف كسا التضمين (النحتَ) حُلةً بهية في مسارح النظر! ولو سأل سائل: لم استبدل تنحتون بـ تكسون؟ أقول: إنما ذكر سبحانه الأصل والسبب الذي قد يخفى علينا لبعده في الزمان عنا، فالنحت هو وسيلة إنشائها وهو السبب الذي له ومن أجله تمت صناعة البيوت وعمارتها. فتأملْه