وفي تضمين المشتق (نصير) معنى (مساند) والمتعدي بـ (إلى) منتهى الوضوح في المعنى وأكشف عن وجه التأويل وأنصع لجلاء الصورة: إذ لا بد لكل صاحب عقيدة من أنصار يحملون عِبأها ينهضون معه ويحامون عنه وُيبلغون دعوته فيَكِل إلى اللَّه أمره، ويعهد إليه شأنه، وُيسند إليه ظهره. وُيبدي
الحواريون استعدادهم لنصرة دين اللَّه ومعاضدة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فهم مساندوه
إلى الله، واللَّه هو النصير وهو السند والظهير. فيتوجهون إلى ربهم قائلين:(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ).
ومعناه عقدوا بيعة مع اللَّه على اتباع منهجه والاقتداء برسوله وتحقيق هذا المنهج وإيثار الموت في سبيله وهذا خير من حياةِ لا يتحقق في ظلها منهج الله. فشهادتهم خير من حياتهم، والشهادة في سبيل اللَّه أعز ما يحرص عليه المؤمن. فحين سأل من مسانديَّ إلى الله؟ قال الحواريون: نحن أنصار الله.
فلْنُرِح أنفسنا من هذا المسلك العسوف الذي ألزمنا فيه النحاة وكثير من المفسرين بجدع الأنف: تضمين الحروف. وهو منكور عند أهل الحذق بالعربية، ليس له وزن ولا يقوم به دليل.