للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمن معنى التفضل فعُدِّي بـ (على) وأصله التعدية بنفسه. أنعمته أي جعلته صاحب نعمة وهذه أحد معاني (أفعل).

أقول: الله المتفضل على عباده، وهل تصدر النعم إلا عن صاحب فضل؟ ولا فضل أعظم من الهداية إلى الصراط المستقيم، ولا نعمة أسمى من نعمة هذا الدين الحنيف ترتفع فوق السحب. فمن شملتهم لم تبق نعمة بعدها إلا أصابتهم، وكانت معلاة لهم شاهدة بفضلهم. كفراشة تتواثب على النوَّار في روضة مزهرة.

اهدنا معرفة الطريق الموصلة إليك مع الاستقامة عليها، فهذه الهداية ضمان السعادة وصراط المهتدين الواصلين. و (على) في جوارها للإنعام ومؤانستها له، يتعدى بها ولا يستغنى عنها، فمنها بدتْ محاسنه وحسرت عن وجه نعمته وفضله تملأ الطرف، وتغني عن الوصف.

الفعل (أنعم) إذاً يتعدى بـ (على) كما جاء في قوله سبحانه: (نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) وفي قوله: (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) وفي قوله سبحانه: (قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا) وفي قوله سبحانه: (أُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) وفي قوله سبحانه: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) وقوله سبحانه: (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ)

وغيرها كثير. وفي قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أحب أهلي إلي من قد أنعم اللَّه عليه

وأنعمتُ عليه أسامة بن زيد " وفي قوله صلوات اللَّه عليه: " ما أنعم اللَّه على

<<  <  ج: ص:  >  >>