وتساءل أبو حيان: هل تعيبون علينا أو تنكرون وتعدون ذنبا أو نقيصة ما لا يُنكر ولا يُعاب، وهو الإيمان بالكتب المنزلة، وفسّر (تنقمون) بتسخطون وتتكرّهون.
وقال القرطبي: تنقمون: معناها؛ تسخطون، وقيل: تكرهون.
وقيل: تُنكرون. يقال: نقمت على الرجل: عتبت عليه، ونقمته إذا كرهته.
ويسأل الآلوسي: هل تنكرون وتعيبون منا؟. وقال العكبري؛ تنقمون منا: تكرهون منا.
وأخلص إلى القول: سؤال تقريري لكشف العداوة يواجَه به أهل الكتاب، إنها مواجهة مخجلة، ناصبوا المسلمين فيها العِداء ورصدوا لهم، وحاربوهم. ثم هو بعد هذا سؤال استنكاري يستنكره المسلم الغيور لينفر من موالاتهم. حرب مشبوبة منذ ألف وأربعمائة عام، لم يخب أُوارها منذ أن قام للمسلمين كيان وأصبح لهم وجود.
فتضمين (نقم) معنى (أصاب) أسد من أنكر وسخط وكره وعاب وعتب كما توهم المفسرون من هذه المشاعر النفسية. فإن ما ينزل بالمسلمين من المصائب وما يبتلون به من شرور أهل الكتاب يهود ونصارى شرقا وغربا لم ينقطع على مدار التاريخ. فاختار العليم الخبير لفظ تنقمون وعداه بمن ليكون المسلم على بصيرة من موقفه منهم، فلا تمييع ولا تلبيس ولا طمْس.