للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحضور الملائكة وما لهم من رجفة تسألهم: فيم كنتم؟ ويجيب المحتضرون بكل مذلة: كنا مستضعفين في الأرض. ويأتي التأنيب: ألم تكن أرض اللَّه واسعة فتهاجروا فيها؟! إذاً حرصهم على أموالهم ومصالحهم وثمراتهم أمسكهم في دار الكفر، وهناك دار إسلام، يجهر فيها بعقيدته ويأمن على دينه، والهجرة إليها مستطاعة، ولكنها ذات تكاليف، ولابد للمهاجر أن يتغلب على عوامل الضعف والحرص والشح والخوف ... فتضمين (تهاجروا) معنى (تضربوا) وهو المتعدي بـ (في) جمع إلى الهجرة جهاد النفس حين يضرب في الأرض العريضة والفسيحة ليُوفر فيها الأمن لعقيدته.

ما أحوج المهاجر إلى ركوب الأخطار ... صابراً على ما يعانيه، وخوفا من معرة الرضا بالدنية (أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وتصاونا من رذيلة القعود والتخلف مع المتخلفين أو التولي يوم الزحف. والقرآن لا يكشف عن أسراره إلا للسالكين إلى اللَّه السبيل يفوضون أمرهم لله في ثقة بالنصر بعد

أن لجؤوا إليه، وعصر الخوارق لم ينتهِ من نوح عليه السلام إلى يومنا هذا فإذا خفيت عن البعض فلا تخفى عن الموصولين بالله.

كما يتحمل السياق تضمين (هاجر) معنى (ساح) المتعدي بـ (في) ليجمع إلى الهجرة السياحة فينجو من الفتنة في دينه إلى دار يأمن فيها على عقيدته، وإن كانت تكاليف السياحة باهظة: يترك القرابات والصداقات والأموال والمصالح ويتعرض لمخاوف انقطاع الرزق، ومتاعب تحصيله وآلام الغربة

<<  <  ج: ص:  >  >>