أقول:(وعظ) لا يتعدى بالباء فماذا تضمَّن حين دخلت عليه؟ العون والتثبيت والأجر العظيم مّمن؟ من اللَّه .. ولمن؟ للذي ينهض بالتكاليف فلا يستهتر ولا يتسهين، مع العزيمة وإخلاص النية، والشروع فيما افترضه عليه مولاه في حدود قدرته وطاقته.
تضمن (الوعظ) إذاً في سياق الآية معنى (التكليف) ولعله أسدُّ من الأمر. هذه التكاليف: عزائم ورخص. والأصل في التكليف العزيمة، والرخصة طارئة عليه. فمن عمد إلى جمع الرخص ليقول: إن الدين يسر، يتملق بذلك رضى المنحلين أو الطغاة أو الحاقدين فيستهتر ويستهين. فالدين ليس كذلك، ولكنه رخص وعزائم في حدود طاقة البشر (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) وما جاءت الباء مع الفعل (وعظ) إلا لتضم إلى المواعظ التكاليف عن طريق التضمين وتنفي عن الدين أن يكون مجرد مواعظ تُرقق القلب وتذكر بالخير وتستنيم إلى الواقع، الواقع المنحل والفطر المتبلدة، فاللَّه الذي كلفهم أعلم بقدراتهم. ثم سياق الآية يوضح الرؤية ويتمم المعنى، فمجرد أنه فعل أي بدأ بما كُلف به، يتبعه العون من الله، ويتبعه التثبيت على المضي فيما أخذ به نفسه، ويستتبع الأجر العظيم من الله، وتتبعه الهداية إلى صراط اللَّه المستقيم. ولعل في اختيار لفظ (الوعظ) بدلا من (التكليف) دلالة على تكريم الإنسان ثم وروده بصيغة المضارع بدلا من الأمر