ونقل أبو حيان: عن قتادة: (وكيل) حفيظ وقال ابن الشجرة: رقيب.
أما أبو حيان فقال: الوكيل: الشاهد فتعدى بـ (على).
وذكر الجلالين: حفيظ أو شهيد. وفي لسان العرب: الوكيل: الكفيل.
أقول:(وكل) الذي يتعدى بـ (إلى) تعدى هنا بـ (على) فماذا تضمن؟ لقد جمع التضمين مع الشهادة معنى (الوكالة) القائمة بين شعيب وبين موسى عليهما السلام في عقد الزواج. فقد وقع موسى العقد بعد أن رضي بالعرض - يؤجر نفسه ثماني حجج - أو يتم العشر. ولا بد لصحة العقد بين المتعاقدين من شاهد يشهد على إبرامه ووكيل يكل إليه أمره. وجاء التضمين من وراء (على) ليجمع مع الوكالة إليه الشهادةَ عليه فلو قال: واللَّه على ما نقول شهيد لاحتجنا إلى وكيل، ولو جاء الوكيل متعديا بـ (إلى) لاحتجنا إلى شهيد. فتعدية الوكيل بـ (على) جمعت الحسنيين فاللَّه سبحانه وكيل وشهيد وكفى باللَّه شهيدا وكفى باللَّه وكيلا. وهذا موضع شريف تأنق لحسن الصنعة فيه وتعجب منه، وأكثر الناس يغفُلُ عنه لغموضه ولطفه، موضع نحتاج فيه إلى فضل تأمل لتحلى النفس بمعرفة السبب الذي كان له ومن أجله، فتستضيءُ به من غموض وتستمد التنبه على أسبابه لمعالب تستبين.
وتبقى حروف المعاني حباتِ جمانٍ في العقد النظيم لهذه اللغة الشريفة تشهد على إعجازها، ولُطف متسربها، فلم تأتِ الشهادة مصرحا بذكرها مكشوفا عنها، بل مدلولا عليها بالحرف، فنالت من شرف الإعجاز ما لا يكون لها لو صرحنا بها.