آخر ليس من عادته التعدي به، فيحتاج إما إلى تأويله أو تأويل الفعل ليصح تعديه به. واختلفوا أيهما أولى، فذهب أهل اللغة وجماعة من النحويين إلى أن التوسع في الحرف، وأنه واقع موقع غيره من الحروف أوْلى. وذهب المحققون إلى أن التوسع في الفعل وتعديته بما لا يتعدى لتضمنه معنى ما يتعدى بذلك الحرف أوْلى لأن التوسع في الأفعال أكثر. مثاله: قوله تعالى: (عَيْنًا يشَرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) ضمن يشرب معنى يروى لأنه لا يتعدى بالباء فلذلك دخلت الباء، وإلا فيشرب يتعدى بنفسه وأريد باللفظ الشرب والري معا فجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد، وقيل: التجوز في الحرف وهو الباء
فإنها بمعنى (مِنْ) وقيل: لا مجاز أصلا، بل العين ها هنا إشارة إلى المكان الذي ينبع منه الماء لا إلى الماء نفسه، نحو نزلت بعين فصار مكانا يشرب به.
وعلى هذا (فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ) قال الراغب: وهذا بخلاف المجاز، فإن فيه العدول عن مسماه بالكلية، ويراد به غيره كقوله تعالى:(جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) فإنه استعمل أراد في مقاربة السقوط لأنه من لوازم الإرادة، وأن من أراد شيئا فقد قارب فعله، ولم يرد باللفظ هذا المعنى الحقيقي الذي هو الإرادة ألبتَّةَ، والتضمين أيضا مجاز لأن اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا، والجمع بينهما مجاز خاص يسمونه بالتضمين تفرقة بينه وبين المجاز المطلق.
وقال الزركشي: يراعى في التعدية المحذوف. الرفث إلى: الإفضاء.
أتوا على: أشرفوا. يرد بإلحاد: يُهمّ، ثم قال: ولم أجد مراعاة الملفوظ إلا في موضعين: أحدهما؛ (يُقَالُ لَه وُ إِبرَاهيمُ) على قول ابن الضائع: أنه