وأنشدنى هذه الرّباعية لنفسه:
قلبى عند ما ودّعوا … لنار الغضى أودعوا
عنّفوا بهم أو دعوا … لا أصغى ولا أسمع
عيشى بعدهم ما حلا … لمّا ربعهم قد خلا
فليت الهوى لو جلا … غيم الهجر كى يطلعوا
بدور لهم مغرب … بقلبى وإن أغربوا
فوجدى بهم معرب … عن حالى فما أصنع
لكلّ هوى منتهى … وحبّى إذا ما انتهى
أأسلو وأهل النّهى … على حسنهم أجمعوا
واتّفق أنّه اشتغل بفصول (١) ابن معطى، فقرأ يوما وبطل، وأخذ ورقة وكتب فيها هذه البليقة:
يا قوم إيش هذا الفضول … تقرءوا الفصول
الملحة تقرأ يا فلان … أو مختصر شيث والبيان
هذا يجنّن بالضّمان … لسائر أرباب العقول
من قوله معدى كرب … القلب أضحى منكرب
وبيت عقلى قد خرب … / وشرح حالى فيه يطول
من صحراوات مع حبليات … ومذ ومنذ مع جازمات
من الذى عند ثبات … يفهم «مفاعيل» مع فعول
(١) هى: «الفصول الخمسون» فى النحو ليحيى بن عبد المعطى النحوى المتوفى سنة ٦٢٨ هـ؛ انظر: كشف الظنون/ ١٢٦٩، وفهرس الدار ٧/ ٥١.