للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٥٩ - يحيى بن عبد الرّحيم القوصىّ (*))

يحيى بن عبد الرّحيم بن زكير (١) القرشىّ القوصىّ، ينعت محيى الدّين، الشافعىّ، كان من الفقهاء المعتبرين الفضلاء، المجيدى الإدراك، الحسنى الفهم، سمع الحديث على جماعة منهم: الشّيخ تقىّ الدّين القشيرىّ، وشيخنا قاضى القضاة/ بدر الدّين محمد ابن جماعة الكنانىّ، والشّيخ جلال الدّين [أحمد] الدّشناوىّ، وأخذ الفقه عن الشّيخ جلال الدّين المذكور وأجازه بالفتوى، ودرّس بمدينة قوص سنين عديدة، حضرت عنده الدّرس ستّ سنين أو ما يقاربها، وكان مدرّسا مفيدا فيه تحقيق وقلة لغط، ينبّه ويحرّر الكلام فيه، وقرأ الأصول والنّحو على شيخه جلال الدّين، وتولّى الحكم بقنا، وناب فى قوص، وكان حميد السّيرة محمود الطريقة، وفيه مكارم، وإذا استفتح الدّرس بعد البطالة، يعمل طعاما حسنا وشيئا حلوا للطّلبة، وإذا ختمه للبطالة صنع مثل ذلك.

وانتهت إليه فى آخر عمره رياسة التّدريس والفتوى بالأعمال القوصيّة، وكان فيه خير ومروءة وإحسان إلى الطّلبة، ولم يعب النّاس عليه إلّا أنّه كان يداوم مسئلة «الحيلة» (٢) فى المعاملات، يبيع السجّادة وغيرها بالآلاف الكثيرة، ويشتريها بما يعطيه فى المعاملات التى قرّرت قبل المعاقدة، حتّى قال عنه من شنّع عليه إنّه باع هرّة بجملة، وكان إذا قيل له عن هذه المسألة يقول: «إذا طولبت بها فى الآخرة أقول: هذا الشافعىّ وأصحابه جوّزوا ذلك وأنا مقلّد»، وأفضى به ذلك إلى أن شكى للكاشف والولاة، وهذه المسألة فى ذهن كثير من النّاس أنّها ربا، ويطلقون على من تعاطاها أنّه مراب، وعمل عليه بسبب ذلك، وصودر وأخذ منه جملة، وتضعضع [حاله] أخيرا، وناب فى الحكم بعد


(*) انظر أيضا: الدرر الكامنة ٤/ ٤١٨، وحسن المحاضرة ١/ ١٩٣.
(١) فى س و ا و ج خطأ: «بن كثير».
(٢) فى الدرر: «العينة»، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>