للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محمود الطّريقة، مشكور بين الخليقة، واسع الصّدر كثير الاحتمال، رجل من أعظم الرّجال.

ومن صفاته العزيزة فى الوجود أنّه لا يؤذى من يؤذيه، ولا يضمر له ذلك عند القدرة عليه، اختبرته فى ذلك مرّات كثيرة، ورأيت له ما لو وقع لمن يدّعى فيه الكرامة لكان من أجلها (١) (؟)، وهو أنّه شوّش عليه بعض النّاس، فأقام شهورا ومات، ثمّ شوّش عليه بعض القضاة، وقصد انتزاع ولايته منه، فلم يقم إلّا ثلاثة أشهر أو نحوها وعزل من عمله، ثمّ أرسل أبو العبّاس أحمد بن حرمى إلى قاضى القضاة، يذكر عنه قضية، فلم يقم إلّا شهرا وشنّع عليه بأشنع منها …

وكان فى عمل قوص ثلاثة قضاة، فصار الاثنان يقصدان أن تضمّ جهته إلى جهتهما، ويضاف عمله إلى عملهما، فصرفا عن العمل، واستمرّ فى جهته، وأضيف إليه من جهة كلّ منهما جهة إلى جهته …

ونظم بعضهم فى ذلك:

إنّ القضاة ثلاثة بصعيدنا … قد حقّقوا ما جاء فى الأخبار (٢)

قاض بأسنا قد ثوى فى جنّة … والقاضيان كلاهما فى النّار

هذا بحسن صفاته وفعاله … وهما بما اكتسبا من الأوزار

ثمّ ولى قاضى القضاة عزّ الدّين عبد العزيز بن جماعة، فلمّا اجتمعت به ذكرته له فقال: كان عزمى استقراره، ولكنّ المقام الشّريف رسم ألّا تقتطع الأقاليم، ويضمّ بعضها إلى بعض، ثمّ وصّى قاضى القضاة عليه قاضى قوص ليستقرّ به على حاله.

وكان بلغنى أنّ شخصا فى نفسه من شرف (٣) الدّين [شئ]، فوصّى قاضى قوص


(١) كذا فى الأصول.
(٢) فى د: «فى الإيثار».
(٣) هو صاحب الترجمة فى الأصل: شعيب بن يوسف.

<<  <  ج: ص:  >  >>