للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التعبّد، بلغنى أنّه كان فى وقت رسم عليه، فكان يأخذ الرّسول ويحضر الدّرس، وليس له فى المدرسة جامكيّة.

صحبته كثيرا، ورأيت له باللّيل تهجّدا وذكرا غزيرا، وله أدب فائق ونظم رائق، ولم يرض الشّعر بضاعة، ولا اتّخذه صناعة، وإنّما دعاه إليه محبة الأدب، وسجيّة العرب، وكان/ ثقة صدوقا، أنشدنى لنفسه رحمه الله [تعالى]:

وما الشّعر ممّا أرتضى كنيتى به … لعمرى ولا وصفى به فى المحافل

ولا قلته كى أبتغى بمقاله … هنالك أن أجزى عليه بنائل

ولكن دعتنى شيمة مضريّة … إلى قوله معروفة فى القبائل

فأبديت ما قد جال فى النّفس سالكا … بإبداء ما أبديت سبل الأفاضل

فلا تنكروا ما أبرزته سجيّة … طبعت عليها من سجايا الأوائل

فقد تنكر الأقوام سجع حمائم … إذا هتفت فى صبحها والأصائل

وأنشدنى أيضا قصيدة، قال إنّه نظمها فى سنة خمس (١) وسبعين وستّمائة، وسمّاها:

«تذكرة الأديب» أوّلها:

العمر قد ضاع بين الورد والصدر … بغير فائدة يا ضيعة العمر

فرّطت فى حفظ أيّامى فوا أسفى … منها على فائت الآصال والبكر

فما التعلّل بالآمال من أربى … ولست أحصل من عين على أثر

هى المنى (٢) بضروب الترّهات غدت … تقتاد منّا ذوى الألباب والفكر

لا تركننّ لبرق من مخيلتها … فإنّه دائما يأتى بلا مطر

كم هاصر عودها يبغى جنى ثمر … فعاد عنه ولم يدرك جنى الثّمر


(١) فى ا و ج: «سنة ٦٧٦».
(٢) فى ا:
«هى المنا بضروب الترهات غدت … تعتاد منا ذوى الألباب والفكر»

<<  <  ج: ص:  >  >>