فما مثله فى النّهى أوّل … وما مثله فى الذى جاد آخر
«وأما علمه الثّاقب، فهو العلم الذى جمع أقاصى المعارف وأدانيها، وضمّ أقطار الفرائد والفوائد ونواحيها، استوعب أصولى الفقه والدّين استيعابا أفحم به فرسان الجدل، واستولى من علم مسائل الخلاف على ما أربى على الأمل، وفرّع من علم الفروع ما أعجز تفريعه السّابقين، ونوّع من المسائل ما يهمّ تنويعه الباحثين:
فكلّ فقيه يقتدى بعلومه … لديه مقيم لا يطيق خطابا
إذا جال فى علم رأيت هزبره … وإن قال أعطى حكمة وصوابا
«وأمّا أبوّته فهى الأبوّة التى شرف غرسها، وكرم جنسها، واتّسق أنسها، وظهر قدسها، وطلعت فى برج الكمال شمسها:
أبوّة خير أحرزت كلّ ماجد … حوى قصبات السّبق فى كلّ مفخر
رجال محاريب (١) وأبطال غارة … وسادة أحكام وفرسان منبر
إذا أبدت الأيّام يوما جهامة … يقابلها من فضلهم كلّ مسفر
«وأمّا مروءته فهى المروءة التى أصبحت مرآة يطالع فيها محاسن الأمور، وينال بهمّة صفائها جوهر الصّنع المحبور المأثور، ويجتلى بها صورة الكمال الباهر، ويتجلّى فيها حقائق الكرم الذى أعجز الأوّل والآخر:
غدت كسراج يهتدى بضيائه … وقامت مقام الشّمس فى كلّ مشهد